"لنوقف ثورة الكونكريت ولنبدأ ثورة الثقافة"
الشيخ الدكتور سلطان القاسميّ - حاكم الشارقة
يبدو ساحرا هذا المكان, يبدو بكل الألوان هذا المعرض ,يبدو آمنا هذا البلد.
نأمل أن لا تنطفىء هذه المدن في يوم ما وأن تكتفي بالسفر, تذهب لتضيء مكان آخر و تمتزج به ليتمخض عنها ألوانا أخرى,تسافر إلى مكان تنقصه الروح والحركة حيث أن "الكونكريت" وحده لا يعني البشرية شيئا فليست الاهرامات مجرّد كونكريت.
نعم
لا زال الكثير من الباحثين في مجال التاريخ والآثار يثبتون لنا أنها أكثر
من مجرد مقبرة فاخرة لملوك الفراعنة,فهي تضم رموز وكتابات وبصمات البنائين
والرسامين والشعراء والمهندسين .. حتى تناسقها و طريقة صفها ونضدها بشكل
هرميّ يدل أنه كان بناءً فكرياً وله أبعاده الجغرافية والفلكية,كما أنّ لها
رمزيتها وأهميتها للإنسان المصريّ القديم.
وهنا لابد من الإشارة إلى ما ذكره تشارلز سميث في
كتابه (ميراثنا عند الهرم الأكبر) :ارتفاع الهرم مضروبا بمليار يساوي
14967000 كم وهي المسافة بين الأرض والشمس، والمدار الذي يمر من مركز الهرم
يقسم قارات العالم إلى نصفين متساويين تماما، وأن أساس الهرم مقسوما على
ضعف ارتفاعه يعطينا عدد (لودولف) الشهير (3.14) والموجود في الآلات الحاسبة
..انتهى الاقتباس
كانوا
يدركون أنها ستسافر إلينا ,كان سفرها بالنسبة لهم مقلق لإنه شعروا بأننا
سنكتفي بتفاصيل صغيرة كالنبوءات التي أتت المصائب والكوارث على مقاساتها
وتفاصيل كنوزهم و ملابسهم و أدواتهم التي وجدناها هناك ..
في
معرض الشارقة -المكان المختلف في المدينة المختلفة- أنت بحاجة إلى أن تكون
حاضرا بكل حواسك , أن تتحول طوال مدته إلى دودة تستقر في أعماق معظم الكتب
وتتصفحها حتى ينتفخ فكرك وتتضخم حصيلتك اللغوية, حتى تشبع روحك - ولن
تشبع- أن تتوزع كنسمة هواء في قاعاتها ,هي رحلة محفوفة بالكثير من المفاجآت
نكفي لإحياء خلاياك الميتة وإغواء الخلايا الحية منها.
يسأل
البعض أنه لا جديد في حديثك أعلاه وأن ميراث الفراعنة مبنيّ على افتراضات
ولا اثباتات علمية وهناك من يربطها بقصص قرآنية وأنه هي صرح فرعون موسى حين
طلب من هامان أن يبنيها له وتأويلات وجدالات لا تنتهي البتّة!
ثم ما هو المختلف في معرض الشارقة الدولي للكتاب:
وأقول
أنّ الجديد هو حصاد السنين ,كتاب للشيخ الدكتور سلطان القاسمي يتضمن أهم
المحطات الثقافية في مسيرة هذه المدينة بما يضمن حضورها في كافة الفعاليات
والتظاهرات الثقافية وفيها تغيير للتصور الذي يجعل الثقافة محصورة بين دفتي
كتاب أو في قلم كاتب أو شفتي ناقد إنمّا هي بناء ومنظومة تتضمن الاهتمام
بالإنسان وتوفير متطلبات الحياة السعيدة وتهيئته حتى يتفاعل بشكل حقيقي مع
أبناء مجتمعه ومع منتسبي الثقافات الاخرى ويمدّه بأدبيات الحوار وتغرس فيه
الإيمان بالاختلاف حتى الوصول إلى نقاط التقاء تساهم في التقريب لا الخلاف.
الجديد
والمختلف هو توظيف تكنولوجيا بوعي وبذكاء أيضا لخدمة الزوّار,وتوجيههم
لدور النشر مباشرة عبر البحث في قائمة الكتب الكترونيا وإعطاءه مكان تواجد
الكتاب أو الإصدار.
الجديد
والمختلف أيضا بعض دور النشر التي لا نجدها في معارضنا وسنسأل كثيرا عن
السبب ولن يكون قلة الزوّار احداها فالعمانيّ يضع دائما موعد معرض الشارقة
الدولي للكتاب في الحسبان وقد أكد لنا الكثير من العارضين أن العمانيين مرو
من هنا بإبتسامتهم وبساطتهم ووبشغفهم للقراءة وانتقائهم للكتب.
الجديد والمختلف أن هناك اهتمام بأدب الطفل:جناح خاص بالأطفال ,شخصيات كرتونية تجتمع بالأطفال,مكان للرسم, اصدارات و برامج متخصصة موجهة للطفل.
دور
النشر المصرية والليبية والسورية كانت حاضرة بقوّة رغم الأحداث التي تمر
بها هذه البلدان وبمختلف توجهاتها وأحاديث الثورة كانت حاضرة أيضا.
لا زالت الكتب الاسلامية تواصل حضورها اللافت في معارض الكتب.
الجديد والمختلف هو حضور أعلام في سماء الشعر والقصة والرواية والنقد والإعلام: واسيني الأعرج,تركي الدخيل,علوية صبح,مصطفى الفقيّ,جمال الغيطاني,أميمة الخميس.. وغيرهم.
الجديد
والمختلف هو ذلك المكان الذي تم اختياره للتوقيع على الاصدارات الجديدة
وطريقة اختياره و الفرصة التي حظي بها هؤلاء ليلتقوا بمحبي حروفهم
ومتابعيهم , وهو مكان في واجهة القادمين للمعرض والخارجين منه.
الجديد والمختلف هي تلك العبارات التي أجبرت الرؤس أن ترتفع وأن تقف طويلا أمامها في كل جناح وفي الممرات وسأذكر بعضها - وهي مقتبسة من كلمات ألقاها الدكتور سلطان القامي في مختلف المناسبات- :
"نريد السلام لنا ولغيرنا"
"كل عربيّ مسؤول عن فلسطين"
"الطفل هو مفتاح المستقبل"
"لابد من التفاعل مع متغيرات العصر بذكاء ووعي"
"إننا مطالبون بتعميق مفهوم الوحدة في كل مكان"
"ويبقى المسرح ما بقيت الحياة"
"لنوقف ثورة الكونكريت ولنبدأ ثورة الثقافة"
ومضة:
في
هذا الوقت ما من علاج بالمجّان ولن يمنحك أحد تذكرة ركوب قطار هذه المرحلة
المهمة من التاريخ ولن تكفي كل الأسرّة لهؤلاء المتساقطين خواءً حولك.
سافِر مع الكتاب
أو ورقة وقلم .. و لا مانع أن تحمل معك ممحاة ..
ابتسامة :
ابتسمت
كثيرا وأنا أقف أمام دار نشر من وطني هي باز للنشر حيث كانت تستعرض تراثنا
والأماكن السياحية بطريقة فنية مبتكرة ومختلفة .. "نبرز جمال عمان"
.فتحية اعتزاز واكبار لهم
آخر الأرقام :
50 مليون دولار هي مبيعات معرض الشرقة الدوليّ للكتاب وأكثر من نصف مليون زائر خلال 10 أيام.