معرض الشارقة الدولي للكتاب حدث سنوي أنتظره بفارغ الصبر كل عام، لن أتحدث هذه المرة بصفتي زائرة عادية للمعرض، فقد شاركت هذا العام في تنظيم المعرض في قسم المركز الإعلامي، نظراً لأني أعيش حالة بطالة – مؤقتة ان شاء الله – و كانت تجربة من أروع التجارب في حياتي على الإطلاق. أن تكون زائراً للمعرض تذهب إليه في يوم أو يومين شعور مختلف كلياً عن أن تكون مشاركاً فيه و منظماً له وتذهب إليه كل يوم.
تعرفت على أشخاص من مختلف الثقافات و الجنسيات ، ماسرت العمل الصحفي مع فريق عمل رائع، حضرت ندوات ثقافية و محاضرات و مقاهٍ ثقافية بعضها بإرادتي و بعضها من أجل التغطية الإعلامية فقط ، قابلت العديد من الكتاب و المؤلفين ممن أعرفهم و آخرين تعرفت عليهم .
تعلمت الكثير ، اتضحت لي بعض نقاط ضعفي وبعض نقاط قوتي ، اكتسبت عدة مهارات ودخلت عوالم جديدة وحياة مختلفة.
هنا سأشارككم بعض المواقف و الأفكار التي كانت نتاج هذه التجربة المميزة :
أعتقد بأن الفكرة الأساسية و المحورية التي توصلت إليها بعد تجربة المشاركة في المعرض هي :
الحياة تفتح أبوابها لمن يفتح قلبه و عقله ، التجارب الجديدة لا تأتي إليك أنت من يجب أن يتحرك إليها.
كل ما حولي كان يقول لي ذلك، سواء عبر الأشخاص الذين تعرفت عليهم أو عبر المواقف التي مررت بها أو من تجربة التطوع في المعرض أساساً.
صديقتي الأمريكية من أصل أفريقي مريم إسماعيل تعرفت عليها في إحدى الندوات والتي كانت لمناقشة كتاب Arab voices speaks to American hearts ، والذي حصلت على نسخة موقعة منه ، سلمت عليها بعد انتهاء الندوة ثم التقيت بها في المصلى ، حكت لي قصة إسلامها منذ 15 سنة ، تنقلت ما بين تركيا ومصر و استقرت في الإمارات ، زوجها من الهند و لديها طفلتان ن كاتبة في جريدة انترناشيونال نيوز . حياتها مليئة بالأحداث و المغامرات ، خفيفة الظل نشيطة و إيجابية ، ثم أصبحت أراها كل يوم لأنها على الرغم من عربيتها الضعيفة إلا أنها كانت تحرص على حضور جميع الندوات و المحاضرات الثقافية. قصتها وحياتها كانت إحدى رسائل الفكرة المحورية .
جهانا من لبنان ، تعمل في إحدى دور النشر الخاصة بالأطفال ، التقيت بها بعد انتهاء اليوم الأول للمعرض ، لم تجد الحافلة التي تقلها إلى الفندق وسألتني عن إمكانية الوصول بالتاكسي وأقرب نقطة مواقف ، فاقترحت عليها أن تركب معنا أنا وصديقتي آلاء لنوصلها إلى الفندق وتعرفنا عليها أكثر في الطريق ، عملها مع دار النشر و مشاركتها في معارض الكتاب في دول مختلفة كان نتيجة مبادرتها و حبها لدخول هذا العمل و تحملها المسؤولية بثقة و أمانة، مما شجع صاحب دار النشر على الاعتماد عليها في ذلك . تدرس الآن ماجستير علم النفس الاجتماعي مما فتح المجال للكثير من الأحاديث الممتعة و اكتشاف المزيد من الاهتمامات المشتركة.
وأيضاً قصتها وحياتها كانت إحدى رسائل الفكرة المحورية.
شالينا جاه محمد بريطانية من أصول هندية-تنزانية ، مؤلفة كتاب love in head scarf، كانت محاضرتها من أجمل المحاضرات التي شهدتها ، تحدثت في كتابها – الذي للأسف لم أستطع الحصول على نسخة منه ولكنني سأستعيره من مريم ! – عن خطوات الخطبة و الزواج في مجتمعات الجاليات المسلمة وربما بالتحديد الهندية التي تعيش في بريطانيا و المواقف التي حصلت معها وتجاربها و رؤيتها للموضوع ، كان الحضور متفاعلاً جداً وكل واحد منا عبر عن رأيه في الموضوع ودارت نقاشات طويلة بين الحاضرين ، كنت راضية عنها تماماً وشعرت أننا جميعاً متفقون على أفكار واحدة ولكن المسألة مسألة وقت حتى تتغير بعض العادات و الأفكار البالية . شجعتني شالينا على الاستمرار في التفكير بصوت مرتفع في الموضوع و قالت بأن هذا سيكون جزء من عملية التغيير البطيئة ! وسأعمل بنصيحتها فلدي الكثير لأقوله حول هذا الموضوع بالذات !
ياسمينا جريصاتي ، صاحبة موقع مبتدأ وخبر الذي يعتبر مبادرة فريدة تعنى بصناعة الكتاب العربية وهدفها النهائي الإسهام في تطوير صناعة الكتاب في العالم العربي. سمر الجراح مؤلفة كتاب Arab voices speaks to American hearts .
عبدالباري عطوان و الذي كانت محاضرته الحدث الأكثر طرافةً في المعرض – بعكس ما توقعت – !
فريق العمل في المركز الإعلامي ، فرداً فرداً ، أصحاب دور النشر ، الأصدقاء الذين التقيتهم في المعرض لأول مرة ، كلها لحظات قدمت لي الكثير و دفعتني للأمام خطوات و فتحت لي الأبواب على مشاريع جديدة وحياة مختلفة.
أنا الآن أفكر كم كنت سأخسر لو أنني لم أشارك في هذه التجربة ؟ كم من الأشخاص الرائعين كنت سأفوت ؟ كم من الخبرات كان سينقصني ؟ ترى كم من التجارب المفيدة ضيعتها من قبل بسبب تسويفي و تكاسلي و تفضيلي للراحة و الدعة ؟
لذلك نصيحتي لكل إنسان : افتح قلبك و عقلك للتجارب الجديدة ..
لا تدع فرص الحياة تفوتك بحجة راحة البال و الحياة الهادئة ..
العمل التطوعي فرصة لمن لم يجد وظيفة تناسب طموحه و مواهبه ..
شخص واحد يمكن أن يكون مدرسة لك في وقت من الأوقات ..
المبادرة و الإيجابية أساس الانطلاق في أي تجربة جديدة ..
الحساسية و الكسل و الشعور بالاكتفاء أسوأ ما يمكن أن يتصف به إنسان.
في النهاية أريد أن أقول : شكراً لكل القائمين على معرض الكتاب في الشارقة ..
شكراً معرض الكتاب ، لقد ملأت فراغاً كان ينقصني.